صفاته -صلى الله عليه وسلم-
نظر جابر بن سمــــــــرة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في ليلــة مقمرة، فجعــــل يردد بصره بينه وبين القمر، ثم قال: فـــإذا هو أحسن في عيني من القمــــر. وقد كان -صلى الله عليه وسلم- مسـتدير الوجه، أبيض البشـــرة، له شعـــر أسود يبلغ شحمة أذنيه، طويل شعـــر الأجفان، واسع العينين أكحـــلهما، أقنى الأنف، واســـع الجبين، سهل الخدين، بين أسنانه تباعد، وفى لحيته كثافة، ليس بطويل القامة ولا قصيرها، عريض الكتفين والصــدر، طـــويل الزند، رحب الراحـــة، لين الكــف، له شعــر دقيق كأنه القضيب، من صـــدره إلى ســرته، ليس بالنحـــيف ولا السمـين، إذا التفت التفت معًا، وإذا مشى أسرع كأن الأرض تطوى له دون أن يكترث، إذا سر استنار وجهه حتى كأنه القمر، وإذا غضب احمـر وجهه، ونفــر فى جبينه عــرق، كما تقول أم معــبد: أجمـــل الناس وأبهـــاهم من بعــيد، وأحسنهم وأحـــلاهم من قريب. وهو مع حسن شكـــله قـــد تم له حسن الخلق أيضًا، ويكفيه فى ذلك مـــدح ربه تعالى له. فكـان -صلى الله عليه وسلم- فصـــيح اللسان، بليغ القول، حليمًا كثير الاحتمال، يعفو عند المقـدرة، ويصبر على المكــارة، أجود الناس وأكرمهم، وأشجع الفرسـان وأثبتهم، أشد حياءً من العــذراء في خدرها، خـــافض الطرف، نظــره إلى الأرض، أطـول منه إلى السمــــاء، أعدل الخلق وأعفهم، وأصدقهم لهجة، وأعظمـــهم أمانة، كثير التــواضع بعيدًا عن التكـــبر، يعود المســاكين، ويجالس الفقــراء، ويجيب دعــوة العبد، ويجلس في أصحــابه كأحــدهم، ثم هو أوفى الناس بالعهود، وأوصلهم للرحم، وأكثرهم شفقة ورحمة، ليس بالفاحش ولا المتفحش ولا اللعــان ولا الصخاب فى الأســـواق، دائـــم الفكرة، طويــل السكوت، يؤلف أصحـابه ولا يفرقهم، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوى عن أحــد منهم بشره، ولا يميز نفسه بمجلــس على غيره، دائم البشــر، سهل الخـــلق لين الجـــانب، ولو استفضنا فى ذكر محاسن شمائله، لذهبت دون ذلك الأعمار، ونفدت السطور والأقلام -صلى الله عليه وسلم.........