يقول عنه سكانه إنه «مخيم مميز»، نظراً لأنه الوحيد الذي يتسم باختلاط اللبنانيين مع سكانه الفلسطينيين، هذا فضلاً عن أنه «الأشهر»، حيث شهد واحدة من كبري المجازر في التاريخ الحديث.. إنه مخيم «صابرا وشاتيلا»، الذي مازال بعض سكانه يتذكرون المجزرة بكل تفاصيلها، ويتخوفون علي لبنان من احتمالات الانشقاق لأن الحرب الأهلية هي من سمحت للقوات اللبنانية - بدعم إسرائيلي - بارتكاب المجزرة التي وقعت منذ ٢٦ عاماً، وأوقعت مئات القتلي اللبنانيين والفلسطينيين.
الحاج أبوعابد - أحد الناجين من المجزرة - يقول إن المجزرة كانت «بشعة بكل ما في الكلمة من معني»، مشيراً إلي أن القنوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع، لم تقتصر فقط علي استخدام الرصاص في قتل اللبنانيين والفلسطينيين علي حد سواء، ولكنهم استخدموا البلطة في قتل كثيرين وتمزيقهم لأجزاء.
ويضيف أبوعابد أن السبب وراء سقوط هذا العدد الكبير من القتلي، هو الحصار الإسرائيلي الذي لم يسمح لسكان المخيم بالمغادرة، لاسيما أن الكثير من سكان المخيم كانوا يعتمدون علي نفق سري بداخل المخيم، كان يفترض أن ينقلهم بعيداً عن المخيم، في حالة اضطراب الأمور إلي كيلو مترين، بعيداً عنه لكي ينجوا بأرواحهم، غير أن القوات اللبنانية هاجمت المخيم من خلال هذا النفق أيضاً، وهو ما أدي لسقوط أعداد كبيرة من القتلي، يفوق كثيراً التقديرات التي تحدثت عن ٢٠٠ أو ٣٠٠ قتيل.
وتشير أم هانئ إلي أنها نجت و٢ من أطفالها من خلال اللجوء إلي أحد المخابئ التي كانت معدة للاختباء في وقت الغارات، وكانت «محظوظة»، لأن القصف دمر منزلها، وهو ما أدي لإخفاء مدخل المخبأ.
وتقول أم هانئ إنها كانت تسمع صراخ السيدات والأطفال أثناء تعرضهم للقتل، مشيرة إلي أن الكثير من السيدات تعرضن للاغتصاب، وتم تركهن أحياء كنوع من الإذلال لسكان المخيم، وأن فتاة واحدة فقط من بين كل من كن في المخيم تم تركها دون اغتصاب، غير أنها عانت اضطرابات نفسية شديدة دفعتها لترك المخيم. وتؤكد الحاجة أم إبراهيم أنها عادت إلي المخيم بعد انتهاء المجزرة، حيث هربت من المخيم قبل ارتكاب المجزرة ببضعة أيام، لكنها عرفت بتفاصيلها الكاملة من خلال بعض الناجين والناجيات، ممن أسعدهم الحظ بالاختباء في أماكن لم تصل إليها القوات اللبنانية. وتشير أم إبراهيم إلي أنها وجدت ٣ جثث ممزقة بشكل شبه كامل في بيتها، فضلاً عن ١٦ جثة في المنزل الذي يجاورها من بينها جثة امرأة حامل، قتلوها وفتحوا بطنها وقتلوا جنينها أيضاً، مضيفة أنها ظلت تعاني طويلاً من المشاهد التي شاهدتها لدي عودتها المخيم.
ويشير أحمد العاصي إلي أن ما يثير تخوفات الفلسطينيين واللبنانيين من سكان المخيم حالياً، هو أن التركيبة الطائفية التي أدت لحدوث المجزرة مازالت مستمرة في لبنان، بل إنها ازدادت تشابكاً وتعقيداً، مضيفاً أنه إذا اشتعلت أية صدامات طائفية في لبنان، فإن سكان المخيم قد «يعلقون» في الوسط ويكونون الضحايا لتلك الاشتباكات.
ويشير أحمد أن كثير من سكان المخيم يشعرون بـ«الغيظ»، نظراً لأن بعض الزعماء السياسيين اللبنانيين الحاليين قاموا بارتكاب «جرائم حرب» في المخيم، ولكنه تم الإفراج عنهم بعد فترة وجيزة قضوها في السجون اللبنانية، مشيراً إلي أنه مادام لم تجر محاسبة المسؤولين عن المجزرة بشكل جدي، فإنهم قد يكررونها في أي وقت متي توافرت الظروف الملائمة لذلك.