جاء الإعلان الرسمي عن إعداد مشروع جديد للجمارك بهدف خفض التعريفة علي السلع الغذائية الأساسية في وقت تتصاعد فيه التخديرات من «ثورات جياع» في عدة دول نتيجة الارتفاع الجنوني في أسعار الغذاء عالمياً.
وعلي الرغم من أن وزراء في الحكومة كانوا قد أكدوا منذ فترة أن مصر ترصد تجارب الدول، التي أزالت التعريفات أو خفضتها لبعض الواردات الغذائية في المنطقة والعالم، إلا أن اتخاذ الخطوة في اجتماع ترأسه الرئيس مبارك أمس الأول جاء متأخرا بعض الشيء.
يري الخبراء أنه مع الترحيب بالقرار، فإن هناك تحذيرات من أن يسبب التسرع إضرارا بالصناعة الوطنية في بعض المجالات، كما أن خفض الجمارك لن يكون وحده قادرا علي إحداث خفض ملموس في الأسعار بالداخل، لأن الرسوم المفروضة حاليا ليست كبيرة.
وكشف مصدر مسؤول بوزارة التجارة لـ«المصري اليوم»: «إن الوزارة تعكف حاليا علي إعداد مشروع قانون لخفض الجمارك علي واردات السلع الغذائية الأساسية وسيتم عرض المشروع فور الانتهاء منه علي مجلس الوزراء تمهيداً لرفعه لرئيس الجمهورية.
وأضاف المصدر- الذي رفض ذكر اسمه- «الجمارك علي السلع الغذائية الأساسية تتراوح بين صفر و٣٠% وتشغل ٢٤ فصلا بقانون الجمارك.. وقال إن مشروع القانون يخفض الجمارك علي واردات الزيت بأنواعه والسكر والأسماك واللحوم والدواجن إلي صفر للحد من ارتفاع أسعارها محليا، خاصة أنها تشهد زيادات مستمرة في أسعارها علي المستوي العالمي.
بينما طالب الدكتور أحمد الركايبي رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية بدراسة المشروع جيدا وإشراك جميع الأطراف في وضع صيغته النهائية قائلا «المشروع سلاح ذو حدين» ومستطرداً: «إذا كانت المنتجات التي سترفع عنها التعريفة ستؤثر علي الإنتاج المحلي فهذا يعني تدميراً للصناعة الوطنية، ولا أعتقد- يقول الركايبي- أن هذا هو الهدف الحقيقي، لذلك يجب إخضاع المشروع للدراسة لأنه لو تم رفع التعريفة عن الدواجن المستوردة والتي تقدر بـ٣٠% سيتم تدمير الصناعة المحلية بسبب فارق الأسعار.
أما بالنسبة للسكر فلابد من الحفاظ علي التوازن بين المستورد والمحلي ومن الممكن- حسب الركايبي- خفض الجمارك علي السكر غير المكرر وبقاؤها كما هي علي الأبيض حتي لا يحدث انحراف.
وأشار إلي أن هناك منتجات لا يؤثر رفع الضريبة عنها علي السوق المحلية لعدم وجودها في الداخل مثل عبوات «التتراباك» الخاصة بمنتجات الألبان ولو تم رفع الجمارك عنها سيخفض ذلك سعر المنتج النهائي في السوق.
وحذر حمدي النجار رئيس الشعبة العامة للمستوردين من عواقب تباطؤ الحكومة في رفع الجمارك عن السلع الغذائية الأساسية، موضحا أن ذلك من شأنه إحداث «بلبلة» في الأسواق علي اعتبار أن الإعلان عنه «سيخلق توقعات قوية بانخفاض الأسعار».
وقال إنه متفق مع القرار، معتبرا أنه حل مؤقت لكون أسعار السلع الغذائية في تزايد مستمر وهو ما ينعكس علي السوق المحلية.. وقال إن الشعبة طالبت بتطبيق القرار منذ فترة، موضحاً أن متوسط الجمارك علي السلع الغذائية الأساسية يصل إلي ٤% وهي نسبة كبيرة مستبعداً أن يلجأ بعض المستوردين إلي الاستفادة من الخفض المنتظر للأسعار لمصلحتهم.
وقال النجار إن «هناك غلياناً في أسعار السلع الغذائية وقوي العرض والطلب سوف تفرض نفسها علي حركة الأسعار بعد رفع الجمارك، خاصة أن القوي الشرائية أصبحت شبه معدومة والتجار يدركون ذلك».
وتحدث السياسي ورجل الأعمال منير فخري عبدالنور عن تأثير المشروع علي صناعة السكر قائلاً «ستقلل من تكلفة الاستيراد لكن لا يمكن تنفيذها علي إطلاقها، خاصة أن الضريبة علي السكر المكرر والأبيض وضعت لحماية إنتاج شركة السكر المصرية عام ٢٠٠٤، لذلك يجب الأخذ في الاعتبار المخزون المحلي من السكر والطاقة الإنتاجية لتكرير السكر غير المكرر.