تواصلت ردود الأفعال الغاضبة علي مستوي العالم، بشأن عرض فيلم «فتنة» المسيء للإسلام، الذي أنتجه النائب اليميني الهولندي المتطرف جيرت فيلدرز، وأعاد موقع «لايف ليك» الإلكتروني البريطاني بثه أمس الأول، بعد ثلاثة أيام من سحبه من الموقع، إثر تلقي تهديدات ضد العاملين فيه.
وكان لافتاً أن الدنمارك - التي سبق ونشرت في عدة صحف بها رسومات مسيئة للرسول، صلي الله عليه وسلم - سارعت بإدانة الفيلم الهولندي، حيث تلقي الدكتور محمود حمدي زقزوق، وزير الأوقاف، رسالة من السفير الدنماركي بالقاهرة، بيارن مورنسن، مرفقاً بها نص تصريح صدر عن كل من رئيس الوزراء ووزير الخارجية في الدنمارك بإدانة الفيلم.
وقال رئيس الوزراء الدنماركي، أندريس فوج راسموسن، إنه لا يمكن فهم هذا الفيلم إلا بأنه «استفزاز غير ضروري»، داعياً إلي تقليل الاهتمام بالأفراد، الذين يقومون بالاستفزاز، مشيراً إلي أن زيادة الاهتمام بهم تؤدي إلي زيادة عددهم.
من جانبه، أكد الدكتور زقزوق أنه أبلغ السفير الهولندي بالقاهرة، تشيرد دي زفان، استياء العالم الإسلامي كله من نشر الفيلم المسيء للإسلام، موضحاً في تصريحات له عقب لقائه زفان أمس الأول، أن المسلمين لا يقبلون أبداً إهانة عقيدتهم وثوابتهم، ويغضبون لأي إساءة تمسها، تماماً كغضبهم لإهانة الإسلام، وينتظرون أن يبادلهم الآخرون نفس الاحترام الذي يكنونه لجميع الأديان، وواصفاً الادعاءات التي يروج لها في الغرب وتربط بين الإسلام والعنف بـ«الظالمة».
وأدانت مؤسسة «أناليندا» - الأورومتوسطية للحوار بين الثقافات، والتي تتخذ من مكتبة بالإسكندرية مقراً لها - الفيلم الهولندي.
واعتبرت المؤسسة، في بيان لها أمس، أن مضمون الفيلم مجرد «تجميع لصور متفرقة ومقتطفات مسيئة تهدف إلي تشويه صورة الإسلام».
وأهابت القيادة الشعبية الإسلامية التي يتولي قيادتها العقيد معمر القذافي، قائد الثورة الليبية، الحكومة الهولندية تطبيق القوانين الوطنية والدولية التي تجرم الإساءة للأديان ورموزها.
في سياق متصل، قال عضو البرلمان الهولندي السابق، من أصل مغربي، محمد ربيع، إنه تقدم أمس الأول بشكوي قضائية ضد فيلدرز بسبب فيلمه المستفز.
ويأتي ذلك بعد أن أجري جيرت فيلدرز، تعديلات علي الفيلم الذي بثه الأسبوع الماضي علي الإنترنت، وجاءت تلك التعديلات بهدف تفادي المساءلة القضائية بعد أن هددت أطراف مختلفة باللجوء للمحاكم الهولندية، نتيجة الأضرار التي لحقت بهم جراء الفيلم وما تضمنه من مغالطات.
وقال فيلدرز إنه سيقوم باستبدال صورة العداء الهولندي، من أصل مغربي، صلاح الدين، ووضع صورة محمد بويري، قاتل المخرج الهولندي ثيو فان جوخ، وأضاف «إنه خطأ غير مقصود وأمر عادي أن يحدث ذلك، لأن الشبه كبير بينهما، وكان العداء المغربي الأصل قد هدد باللجوء للقضاء بعد أن تضمن الفيلم صورته بدلا من صورة بويري».
كما سيقوم فيلدرز بحذف اسم الرسم الكاريكاتوري للرسام الدنماركي كيورت ويسترجارد، صاحب الرسومات المسيئة للرسول، وكان الرسام قد هدد بدوره بأنه سيلجأ للقضاء لأن فيلدرز استخدم أحد رسوماته دون استئذان.
وقال اليميني المتشدد إنه سيعيد عرض الفيلم من جديد، نافياً في الوقت نفسه أن تكون له أي صلة ببث الفيلم علي مواقع أخري غير موقع ليف ليكي
وزير الأوقاف يطالب بالرد بنفس الأسلحة
حمل كل من الدكتور محمود حمدي زقزوق، وزير الأوقاف، والدكتور أحمد عمر هاشم، رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب، المسلمين مسؤولية الإساءات المتكررة لدينهم، مؤكدين أن العالم الإسلامي عجز عن عرض دينه والتعريف بحقيقته بصورة صحيحة.
قال زقزوق - في كلمته مساء أمس الأول ضمن فعاليات الموسم الثقافي للمجلس الأعلي للشؤون الإسلامي في مسجد النور - إن المسلمين يتحملون قدرًا كبيرًا من المسؤولية عن الإساءات المتكررة لدينهم ورسوله الكريم، لفشلهم وعجزهم عن الرد علي المتطاولين علي عقيدتهم، إضافة إلي عدم استطاعتهم التعريف الصحيح بدينهم وحقيقة تعاليمه و حضارته وثقافته الكفيلة بإقناع الآخرين بزيف وكذب الافتراءات التي يتم بثها كل فترة.
ودعا زقزوق العالم الإسلامي إلي عدم الاكتفاء بإصدار بيانات الشجب والإدانة أو خروج التظاهرات التي لا تجدي - حسب قوله - وإنما يتم التفكير لاتخاذ قرارات عقلانية إيجابية.
وقال: «لا مانع مطلقًا من استخدام نفس الأسلحة، التي يستخدمها المسيئون للإسلام، كأن نقوم بإنتاج أفلام سينمائية لعرض حقيقة الدين الإسلامي، والتعريف بحقيقته من خلال جميع القنوات الفضائية، بدلاً من انشغالها بالفتاوي الهامشية دون الاهتمام بالقضايا المصيرية، التي تمس هيبة المسلمين ومكانتهم وصورتهم أمام العالم.
وأكد أحمد عمر هاشم، في كلمته أن الدفاع عن الإسلام والتعريف بحقيقته، أصبح فرض عين علي كل المسلمين في الوقت الراهن، داعيا جميع المؤسسات العلمية والثقافية علي مستوي العالم الإسلامي إلي تكثيف جهودها لتقديم الإسلام بصورته الصحيحة.
وطالب هاشم بضرورة مقاطعة منتجات أي دولة تسيء إلي الإسلام، والنبي، صلي الله عليه وسلم، ومن بينها الدنمارك وهولندا، قائلاً: «إن المقاطعة وسيلة فعالة لوقف التطاولات والإساءات المتكررة ضد الإسلام».