دستور جمهورية مصر العربية
لمحة تاريخية :
القانون الدستورى كما يعرفه الفقه الدستورى بأنه القانون الأساسى الذى يبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها وينظم السلطات العامة من حيث تكوينها واختصاصاتها وعلاقاتها بعضها ببعض، ويقرر حقوق الأفراد وحرياتهم ويضع الضمانات الأساسية لهذه الحقوق والحريات.
والدستور بذلك يسمر على كل السلطات فى الدولة ومن ثم كان طبيعيا نتيجة لذلك أن تظهر قاعدة دستورية القوانين التى تقضى بألا يصدر قانون على خلال الدستور وإلا كان ذلك قانونا باطلا يتعين على القضاءالامتناع عن تطبيقه.
وباستقراء التطور الدستورى للبلاد نجده قد مر بمراحل متعددة كافح فيها الشعب المصرى كفاحا مريرا من أجل الدستور وصمد فيها أمام سلطات الاحتلال الأجنبى التى حاربت وجوده بشتى الوسائل والطرق.
ففى الفترة ما بين 1805 – 1882 شهدت البلاد نضالا طويلا للشعب المصرى انتهى بإصدار دستور للبلاد سنة 1882 ثم ما لبثت سلطات الاحتلال الإنجليزى أن ألغته، ولكن الشعب واصل كفاحه ولم يتوقف جهاده فى سبيل الدستور إلى أن صدر فى 19 أبريل سنة 1932 دستور سنة 1932 ووفقا لهذا الدستور انعقد أول برلمان مصرى فى 15 مارس سنة 1924.
وظل هذا الدستور قائما إلى أن ألغى فى 22 أكتوبر سنة 1930 ثم أبطل العمل به وعاد العمل بالدستور الملغى سنة 1932 وظل الأخير معمولا به إلى أن قامت ثورة الجيش فى 23 يوليو سنة 1952 وصدر أول إعلان دستورى فى 10 ديسمبر سنة 1952 أعلن فيه باسم الشعب سقوط دستور سنة 1923 والذى داء فيه (أنه أصبح لزاما أن نغير الأوضاع التى كادت تودى بالبلاد والتى كان يساندها ذلك الدستور الملىء بالثغرات ...) والأخذ فى تأليف لجنة لوضع مشروع دستور جديد على أن تراعى الحكومة (المبادئ الدستورية العامة).
وفى 13 يناير 1953 صدر مرسوم بتأليف لجنة لوضع مشروع جديد.
وفى 15 يناير سنة 1953 حددت فترة الانتقال بثلاث سنوات.
وفى 10 فبراير سنة 1953 صدر الإعلان الدستورى الثانى متضمنا أحكام الدستور المؤقت للحكم خلال فترة الانتقال.
وفى 18 يونيه سنة 1953 ألغيت الملكية فى مصر وأعلنت الجمهورية.
وفى 16 يناير سنة 1956: صدر الإعلان الدستورى النهائى – أى فى نهاية السنوات الثلاثة السابق تحديدها كفترة انتقال. ورغم إعلان الدستور النهائى فى 16 يناير سنة 1956 فقد ظل العمل بالإعلان الدستورى المؤقت الصادر فى 10 فبراير سنة 1953 إلى أن أجرى الاستفتاء على الدستور النهائى بتاريخ 23/6/1956، وفى هذا التاريخ وافق الشعب على دستور يناير سنة 1956 وأصدره، مما أمكن معه العمل به فى حينه.
ثم دستور الوحدة الصادر فى مارس 1958 على أثر إعلان الوحدة بين مصر وسوريا فى فبراير 1958.
والدستور المؤقت لمصر الصادر فى 25 مارس سنة 1964.
ثم فى 11/9/1971 تم إعلان دستور مصر الدائم لجمهورية مصر العربية والمعدل بقرار مجلس الشعب الصادر بجلسة 30/4/1980.
وثيقة إعلان الدستور :
نحن جماهير شعب مصر العامل على هذه الأرض المجيدة منذ فجر التاريخ والحضارة.
نحن جماهير هذا الشعب فى قرى مصر وحقولها ومدنها ومصانعها ومواطن العمل والعلم فيها، وفى كل موقع يشارك فى صنع الحياة على ترابها أو يشارك فى شرف الدفاع عن هذا التراب.
نحن جماهير هذا الشعب الذى يحمل إلى جانب أمانة التاريخ مسئولية أهداف عظيمة للحاضر والمستقبل، بذورها النضال الطويل والشاق، الذى ارتفعت معه على المسيرة العظمى للأمة العربية رايات الحرية والاشتراكية والوحدة.
نحن جماهير شعب مصر؛ باسم الله وبعون الله نلتزم إلى غير ما حد، وبدون قيد أو شرط أن نبذل كل الجهود لنحقق:
(أولا) السلام لعالمنا:
عن تصميم بأن السلام لا يقوم إلا على العدل وبأن التقدم السياسى والاجتماعى لكل الشعوب لا يمكن أن يجرى أو يتم إلا بحرية هذه الشعوب وبإرادتها المستقلة، وبأن أى حضارة لا يمكن أن تستحق اسما إلا مبراة من نظام الاستغلال مهما كانت صوره وألوانه.
(ثانيا) الوحدة:
أم أمتنا العربية عن يقين بأن الوحدة العربية نداء تاريخ ودعوة مستقبل وضرورة مصير وأنها لا يمكن أن تتحقق إلا فى حماية أمة عربية قادرة على دفع وردع أى تهديد مهما كان مصدره ومهما كانت الدعاوى التى تسانده.
(ثالثا)
التطوير المستمر للحياة فى وطننا، عن إيمان بأن التحدى الحقيقى الذى تواجهه الأوطان هو تحقيق التقدم، والتقدم لا يحدث تلقائنا أو بمجرد الوقوف عند إطلاق الشعارات، وإنما القوة الدافعة لهذا التقدم فى إطلاق جميع الامكانيات والملكات الخلاقة والمبدعة لشعبنا الذى سجل فى كل العصور إسهامه عن طريق العمل وحده فى أداء دوره الحضارى لنفسه والإنسانية.
لقد خاض شعبنا تجربة تلو أخرى، وقدم أثناء واسترشد خلال ذلك بتجارب غنية، وطنية وقومية وعالمية، عبرت عن نفسها فى نهاية مطاف طويل بالوثائق الأساسية لثورة 23 يوليو سنة 1952 التى قادها تحالف القوى العاملة فى شعبنا المناضل، والذى استطاع بوعيه العميق وحسه المرهف، أن يحافظ على جوهرها الأصيل، وأن يصحح دواما وباستمرار مسارها وأن يحقق بها تكاملا يصل إلى حد الوحدة لاكلية بين العلم والإيمان وبين الحرية السياسية والحرية الاجتماعية وبين الاستقلال الوطنى والإنتماء القومى وبين عالمية الكفاح الإنسانى من أجل تحرير الإنسان سياسة واقتصادا وثقافة وفكرا والحرب ضد كل قوى ورواسب التخلف والسيطرة والاستغلال.
(رابعا)
الحرية لإنسانية المصرى عن إدراك لحقيقة أن إنسانية الإنسان وعزته هى الشعاع الذى هدى ووجه خط سير التطور الهائل الذى قطعته البشرية نحو مثلها الأعلى.
أن كرامة الفرد انعكاس لكرامة الوطن، وذلك أن الفرد هو حجر الأساس فى بناء الوطن وبقيمة الفرد وبعمله وبكرامته تكون مكانة الوطن وقوته وهيبته.
أن سيادة القانون ليست ضمانا مطلوبا لحرية الفرد فحسب، لكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة فى نفس الوقت.
أن صيغة تحالف قوى الشعب العاملة ليست سبيلا للصراع الاجتماعى نحو التطور التاريخى، ولكنها فى هذا العصر الحديث ومناخه ووسائله صمام أمان يصون وحدة القوى العاملة فى الوطن، ويحقق إزالة المتناقضات فيما بينها فى التفاعل الديمقراطى.
نحن جماهير شعب مصر تصميما ويقينا وإيمانا وإدراكا بكل مسئولياتنا الوطنية والقومية والدولية وعرفانا بحق الله ورسالاته وبحق الوطن والأمة وبحق المبدأ والمسئولية الإنسانية وباسم الله وبعون الله، نعلن فى هذا اليوم الحادى عشر من شهر سبتمبر سنة 1971، أننا نقبل ونمنح لأنفسنا هذا الدستور، مؤكدين عزمنا الأكيد على الدفاع عنه وعلى حمايته وعلى تأكيد احترامه.
الباب الأول: الدولة
مادة(1): جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطي يقوم علي أساس المواطنة, والشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل علي تحقيق وحدتها الشاملة.
مادة(2): الاسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع.
مادة(3): السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين فى الدستور.
مادة(4): يقوم الاقتصاد الوطني علي حرية النشاط الاقتصادي والعدالة الاجتماعية, وكفالة الأشكال المختلفة للملكية, والحفاظ علي حقوق العمال.
مادة(5): يقوم النظام السياسى فى جمهورية مصر العربية على اساس تعدد الأحزاب وذلك فى اطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى الدستور.
وينظم القانون الأحزاب السياسية.
وللمواطنين حق تكوين الأحزاب السياسية, وفقا للقانون, ولا تجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية علي أي مرجعية أو أساس ديني, أو بناء علي التفرقة بسبب الجنس أو الأصل.
مادة(6): الجنسية المصرية ينظمها القانون.
الباب الثانى: المقومات الأساسية للمجتمع
الفصل الأول: المقومات الإجتماعية والخلقية
مادة(7): يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعى.
مادة(
: تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين.
مادة(9): الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والاخلاق والوطنية.
وتحرص الدولة على الحفاظ على الطابع الأصيل للأسرة المصرية وما يتمثل فيه من قيم وتقاليد، مع تأكيد هذا الطابع وتنميته فى العلاقات داخل المجتمع المصرى.
مادة(10): تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة، وترعى النشئ والشباب، وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم.
مادة(11): تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها فى المجتمع، ومساواتها بالرجل فى ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، دون اخلال باحكام الشريعة الاسلامية.
مادة(12): يلتزم المجتمع برعاية الأخلاق وحمايتها, والتمكين للتقاليد المصرية الأصيلة, وعليه مراعاة المستوي الرفيع للتربية الدينية والقيم الخلقية والوطنية, والتراث التاريخي للشعب, والحقائق العلمية, والآداب العامة, وذلك في حدود القانون.
وتلتزم الدولة بإتباع هذه المبادئ والتمكين لها.
مادة(13): العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة، ويكون العاملون الممتازون محل تقدير الدولة والمجتمع.
ولا يجوز فرض أى عمل جبرا على المواطنين إلا بمقتضى قانون ولأداء خدمة عامة وبمقابل عادل.
مادة(14): الوظائف العامة حق للمواطنين، وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب، وتكفل الدولة حمايتهم وقيامهم بأداء واجباتهم فى رعاية مصالح الشعب، ولا يجوز فصلهم بغير الطريق التأديبى إلا فى الأحوال التى يحددها القانون.
مادة(15): للمحاربين القدماء والمصابين فى الحرب أو بسببها ولزوجات الشهداء وابنائهم الأولوية فى فرص العمل وفقا للقانون.
مادة(16): تكفل الدولة الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية، وتعمل بوجه خاص على توفيرها للقرية فى يسر وانتظام رفعا لمستواها.
مادة(17): تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعى والصحى، ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعا، وذلك وفقا للقانون.
مادة(18): التعليم حق تكفله الدولة، وهو الزامى فى المرحلة الابتدائية، وتعمل الدولة على مد الالزام الى مراحل أخرى، وتشرف على التعليم كله، وتكفل استغلال الجامعات ومراكز البحث العلمى، وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والأنتاج.
مادة(19): التربية الدينية مادة أساسية فى مناهج التعليم العام.
مادة(20): التعليم فى مؤسسات الدولة التعليمية مجانى فى مراحله المختلفة.
مادة(21): محو الأمية واجب وطنى تجند كل طاقات الشعب من أجل تحقيقه.
مادة(22): يلتزم المجتمع برعاية الأخلاق وحمايتها، والتمكين للتقاليد المصرية الأصيلة وعليه مراعاة المستوى الرفيع للتربية الدينية، والقيم الخلقية والوطنية والتراث التاريخى للشعب والحقائق العلمية، والسلوك الاشتراكى، والآداب العامة، وذلك فى حدود القانونانشاء الرتب المدنية محظور.
الفصل الثانى: المقومات الاقتصادية مادة(23): ينظم الاقتصاد القومى وفقا لخطة تنمية تكفل زيادة الدخل القومى وعدالة التوزيع ورفع مستوى المعيشة، والقضاء على البطالة وزيادة فرص العمل، وربط الأجر بالانتاج، وضمان حد أدنى للأجور، ووضع حد أعلى يكفل تقريب الفروق بين الدخول.
مادة(24): ترعي الدولة الإنتاج الوطني, وتعمل علي تحقيق التنمية الاقتصادية, والاجتماعية.
مادة(25): لكل مواطن نصيب من الناتج القومى يحدده القانون بمراعاة عمله أو ملكيته غير المستغلة.
مادة(26): للعاملين نصيب فى ادارة المشروعات وفى ارباحها، ويلتزمون بتنمية الانتاج وتنفيذ الخطة فى وحداتهم الانتاجية وفقا للقانون، والمحافظة على ادوات الانتاج واجب وطنى.
ويكون تمثيل العمال فى مجال إدارة وحدات القطاع العام فى حدود خمسين فى المائة من عدد اعضاء هذه المجالس، وتعمل الدولة على ان يكفل القانون لصغار الفلاحين وصغار الحرفيين ثمانين فى المائة فى عضوية مجالس إدارة الجمعيات التعاونية الزراعية والجمعيات التعاونية الصناعية.
مادة(27): يشترك المنتفعون فى إدارة مشروعات الخدمات ذات النفع العام والرقابة عليها وفقا للقانون.
مادة(28): ترعى الدولة المنشآت التعاونية بكل صورها، وتشجع الصناعات الحرفية بما يكفل تطوير الانتاج وزيادة الدخل.
وتعمل الدولة على دعم الجمعيات التعاونية الزراعية وفق الاسس العلمية الحديثة.
مادة(29): تخضع الملكية لرقابة الشعب وتحميها الدولة، وهى ثلاثة أنواع : الملكية العامة، والملكية التعاونية والملكية الخاصة.
مادة(30): الملكية العامة هي ملكية الشعب, وتتمثل في ملكية الدولة والأشخاص الاعتبارية العامة.
مادة(31): الملكية التعاونية هى ملكية الجمعيات التعاونية، ويكفل القانون رعايتها ويضمن لها الإدارة الذاتية.
مادة(32): الملكية الخاصة تتمثل فى رأس المال غير المستغل، وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية فى خدمة الاقتصاد القومى وفى اطار خطة التنمية، دون انحراف أو استغلال، ولايجوز أن تتعارض فى طرف اسخدامها مع الخير العام للشعب.
مادة(33): للملكية العامة حرمة, وحمايتها ودعمها واجب علي كل مواطن وفقا للقانون.
مادة(34): الملكية الخاصة مصونة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون وبحكم قضائى، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقا للقانون وحق الإرث فيها مكفول.
مادة(35): لا يجوز التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام وبقانون، ومقابل تعويض.
مادة(36): المصادرة العامة للأموال محظورة، ولا تجوز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى.
مادة(37): يعين القانون الحد الأقصي للملكية الزراعية, ويضمن حماية الفلاح والعامل الزراعي من الاستغلال.
مادة(38): يقوم النظام الضريبى على العدالة الاجتماعية.
مادة(39): الادخار واجب وطنى تحميه الدولة وتشجعه وتنظمه.
الباب الثالث: الحريات والحقوق والواجبات العامة مادة(40): المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.
مادة(41): الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقا لأحكام القانون.
ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطى.